مقالات رئيس التحرير

خطيئة معمر القذافي !

خطيئة معمر القذافي !

رادار 360 – معاذ خلف

كأي زعيم مسلم عربي ، قام بترتيب بيته الداخلي أولا ، ثم اتجه لمواجهة أشرار العالم و المؤامرات المحدقة ببلده ، ولكن الأشرار لم يمهلوه طويلا ، و شعبه لم يستوعب ما يحدث من عظم المؤامرة ، حتى حين انذرهم بعد الأزمة في خطاب عالمي “ليش تخربوا بلادكم .. لمصلحة من .. بالله لمصلحة من !!” ولكنهم لم يستوعبوا !!!

امضينا اعمارنا في الطفولة و الشباب ندرس مادة تسمى “الوعي السياسي” هذه المادة كانت تحذر الأجيال الناشئة من الغرب و سياساتهم في تدمير البلدان العربية ، وعن العداء التاريخي بين الغرب الصهيوني و الإسلام و الدول العربية ، ورغم ان المادة كانت تتكرر في كل عام ، الا ان الشعب الليبي لم يستوعب ! و عندما أتى له الشيطان في صورة المحرر الذي يعدهم بمصباح علاء الدين بمجرد التخلص من الطاغية ، صدقوه و هللوا وصفقوا ورقصوا و زغرتوا له ، و اسموا طائراته طائرات ابابيل و اسموها الثورة المباركة ، الى ان قتلوا الزعيم الصابر المؤمن الصائم ، قال لهم الشيطان اني بريء منكم ، يوما بعد يوم ادرك الشعب الليبي عظم الكارثة التي حلت به ، وادرك خطيئته ، ولكن بعد فوات الأوان ! هكذا سقطت الجماهيرية !

كان الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي يعلم علم اليقين ان هناك معركة فاصلة مع الغرب الصهيوني وازداد يقينه بتلك المعركة بعد سقوط العراق صدام حسين ،ونوه و اشار لتلك المعركة في معظم خطاباته القديمة و الجديدة ، وقد امضى عمره في محاولة توعية الشعب الليبي لهذه المعركة لكي لا يكونوا سببا في يوم من الايام في خذلانه و تخريب بلادهم ، و حتى في اخر قمة عربية حضرها في سوريا قال للرؤساء العرب “بكرة الدور جاي عليكم كلكم!” وقد صدق !

ثقة الزعيم الليبي بشعبه و من حوله كانت منقطعة النظير ، حيث لا يستطيع اي انسان طبيعي فقدان الثقة بكل من حوله و الا جن !

كانت نتيجة الثقة و مع طول الأزمة وتحت ضغط دولي تفكك الحاشية تدريجيا ، الى ان تدخل الناتو و دمر ليبيا و اسقطه .

خطيئة معمر القذافي بعد ان كبر سننا انه اصبح طيب القلب و غير قادر على مواجهة مؤامرة عالمية كونية يقودها الغرب الصهيوني ، ولم يلعب معهم لعبة الاضداد كما فعل بشار الاسد ، خوفا من فقد ليبيا سيادتها !

فلو انه ادخل روسيا كطرف في النزاع امام همجية الغرب ، لما استطاع اوباما او ساركوزي اسقاطه ، لو انه دمر ابار و حقول النفط لأصبحت ليبيا اكبر كابوس للغرب ، لو انه اباد مصراته بالبراميل المتفجرة لما تجرأ احد على الاقتراب من العاصمة .

ولكن نعزي ذلك لطيبة قلب الرجل في ايامه الاخيرة ، قدم روحه شهيد على ان يتم فقد سيادة البلاد بإدخال روسيا ، او تدمير رزق الشعب الليبي ، او قتلهم لمجرد معارضتهم اياه  ، فتركها و رحل في هدوء .

لا اريد ان اتحدث فيما حدث بعد استشهاد العقيد ، فقد قال لهم “سوف تندمون يوم لا ينفع الندم ” وقد حدث !

واقع ليبيا منذ 2011 مزري و يدعوا للشفقة كدولة فاشلة غير قادرة على القيام بأبسط واجباتها تجاه المواطنين ، لا امن ولا اقتصاد ولا رواتب و غلاء اسعار وفوضى و انقسام !

لا اريد ان اقترح الحلول او افرضها ، او ان ازكي احد القادة على الأخر ، و لكن الجماهيرية الليبية بناء عتيق ، ولا يعرف اسرار هذا البناء الا من كان جزء من هذا البناء ، و كما قلتها لكم يا شعب ليبيا منذ العام 2013 ، الدكتور سيف الاسلام القذافي كنز استراتيجي للدولة الليبية ، حاولوا قد المستطاع ان لا تخسروه ، و ضعوه في مكانه المناسب ، عله يستطيع ان ينقذ ما يمكن انقاذه ، لا سيما ان المنطقة تتهيأ لتغيرات كثيرة ، فإما ان تكون ليبيا دولة ذات سيادة مستقلة تتمتع بالأمن و التنمية ، واما ان تكون بلد ممزق فاشل لن تقوم له قائمة لمئة عام قادمة !

معاذ خلف

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى