السياسة الخارجية الأمريكية التي لم تعد سرا ، و استيعاب ايران للدرس .
السياسة الخارجية الأمريكية التي لم تعد سرا ، و استيعاب ايران للدرس .
رادار 360 – معاذ خلف
السياسة الخارجية الأمريكية التي لم تعد سرا ، و استيعاب ايران للدرس .
بعد الحرب العالمية الثانية و تنصيب أمريكا القطب الأوحد الرائد في العالم ، و اجبار العالم على الدولار كعملة ثابتة للتجارة الدولية ، بدأت أمريكا في التفكير في كيفية السيطرة على العالم ، ووضع نقاط خلاف وقوة يمكنها من خلالها قلقلة الأوضاع في اي من الدول المناوءة لها .
بعد الحرب الفيتنامية اصبح تخوف امريكا من اي حرب مباشرة مع الجيش الامريكي في اضطراد مستمر ، و ان حدث يحدث في اطار تدخل دول حلف الناتو ككل و ليست امريكا منفردة . عملت على خلق الاضداد ، خلقت اسرائيل للسيطرة على الشرق الاوسط ، و فككت الاتحاد السوفيتي من خلال الحرب الباردة و اقتضمت اوكرانيا حتى تشكل اكبر نقطة ضعف لروسيا ، طبقت نفس الفكرة مع الصين بدعم تايوان ، فككت كوريا الى شمالية و جنوبية و دعمت الجنوبية ، اي في كل قارة و في كل موقع تقع فيه قوة مناوءة للولايات المتحدة ، خلقت امريكا قوة مضادة لها ، بحيث يسهل قلقلة الاوضاع و اختلاق حروبا بالوكالة ، وتهديد و لي ذراع تلك الدول .
روسيا ضاقت ذرعا من المؤامرات الأمريكية الساعية لتقويضها ، فغزت اوكرانيا ، و حسب سير الأحداث ان روسيا سقطت في فخ محكم ، ولكن حسب ظني ان لم تصل الأوضاع الى حرب عالمية ، ان روسيا منتصرة لا محال .
الصين تراقب تجربة روسيا عن كثب ، حتى ان نجحت تبدأ هي الأخرى بغزو تايوان ، كذلك كوريا الشمالية .
اسرائيل و العرب و ايران و اتزان القوى بين ايران و اسرائيل حتى لا تفقد امريكا لجامها !
اصطدام امريكا بأي من هذه القوى بشكل مباشر يعني حرب عالمية نووية محققة ، لذلك امريكا و حتى الان تقاتل بالوكالة !
ايران ليست أمريكا و لن تكون في النظام العالمي ذو القطب الواحد دولة عظمى مهما علا طموحها ، ولكنها تعلمت الدرس من امريكا بعد الحرب العراقية الايرانية التي دامت عشر سنوات و حصدت مئات الالاف من الارواح ، بدأت تعتمد في غزوها على حروب بالوكالة ، اي لم تعد تقاتل بشكل مباشر ، انشأت اذرعها معظم دول المنطقة العربية ، العراق و سوريا واليمن و لبنان وفلسطين، فقد حاصرت خصومها من دول الخليج العربي بالمليشيات المسلحة ، و حاصرت اسرائيل ايضا من جبهتي لبنان وسوريا و الأراضي الفلسطينية .
مع اختلاف ان امريكا تجير دولا كاملة بحكوماتها ليكونوا وكلاء لها ، اما ايران فتجير تنظيمات مسلحة ومليشيات .
لو اخذنا في الحسبان ان الحرب الدائرة حاليا هي حربا بالوكالة بين امريكا و ايران ، قد يكون منطقي ، فإسرائيل وكيلة امريكا في المنطقة وتقاتل بسلاح و اموال و دعم امريكي ، و حزب الله و حماس واليمن و العراق هم و كلاء لإيران و يقاتلون بدعم ايراني ، و ايضا هذا منطقي ، و هنا لا انكر على شعوب فلسطين و لبنان عقيدتهم الاسلامية الخالية من اي استقطابات في قتال اسرائيل و تحرير فلسطين ، ولكني اتحدث من منظور عسكري على مستوى دول و ليس افراد .
انتقلت الحرب الى المستوى التالي بعد اول مواجهة مباشرة بين اسرائيل و ايران ، التي بدأها ناتنياهو و رد عليها الرئيس رئيسي رحمه الله ، ولازالت المواجهة المباشرة بين كل من الدولتين اخذه في التصاعد ، و في وجهة نظري ان لم تتوقف ، فإنها ستصل الى مرحلة معينة و ستتدخل امريكا بشكل مباشر لإنقاذ اسرائيل .
استقطاب روسيا لإيران رسم خارطة القوى و التحالفات في مؤشر الى اقطاب الصراع في الحرب الكبرى القادمة ، سواءا كانت اليوم او غدا او بعد سنة او حتى بعد مئة عام ، ولكنها حتما قادمة .
كما انه اعطى ايران ثقل دولي بحيث يجعل اسرائيل و من خلفها امريكا يفكرون قبل استهداف ايران في كيفية الاستهداف و ثقله و الاهداف و حجم الاستهداف ، والا انزلقت الاوضاع الى حرب عالمية .
اسرائيل تحاول جر امريكا الى حربا كبرى لإنهاء خصومها في المنطقة ، و امريكا لازالت تحاول اللعب بورقة اسرائيل فقط ، و تصور اسرائيل امام العالم كالولد العاق الداشر الذي لا يستمع لنصائح ماما امريكا بخفض التصعيد و ايقاف الحروب .
بالعودة الى عنوان المقال ، اذا افترضنا ان سياسة ايران الخارجية نسخة باهته من السياسة الخارجية الامريكية ، فهذا سيجعل الحرب الكبرى القادمة اكثر اثارة و فتكا و انتشارا .
معاذ خلف