مقالات معاذ خلف

منظور شامل لمفهوم الحرب الإقليمية في المنطقة !

منظور شامل لمفهوم الحرب الإقليمية في المنطقة !

رادار360 – معاذ خلف

منذ عهد الدولة العثمانية ثم الملكيات مر الوطن العربي بتغيير واحد فقط او بموجة ثورات واحدة أدت الى الانتقال من الملكية التي كانت معظمها تابعة للغرب الى مفهوم الدولة الوطنية او الدولة المجيشة العسكرية ، و منذ ذلك التاريخ لم تتنامى قوى في المنطقة خلافا للدولة الوطنية سوى تنظيمات الاسلام السياسي ، و ان شئنا ان نقول الإرهابي .

حتى نختصر الكثير من الأحداث وصولا للعام 2011 ، قاد الرئيس الأمريكي اوباما موجة ثورات و تغيير في المنطقة لم تحدث منذ ثورة القوميات في منتصف العقد التاسع عشر و التي كان اغلبها تابع او في علاقات جيدة مع روسيا ، لتنطلق الثورات الملونة و يسيطر عليها أكبر تنظيم اسلام سياسي موجود بالمنطقة وهو الاخوان المسلمون ، الذي بدوره هو وكل التنظيمات الإسلامية تم تجييرهم و السيطرة عليهم من قبل تركيا التي كانت تتبنى الأنظمة الملكية في المنطقة بعد سقوط دولة الخلافة العثمانية .

في الماضي كانت ثورة القوميات مدعومة أمريكيا لطرد الاستعمار الفرنسي و البريطاني و الايطالي من المنطقة ، وفي العام 2011 كانت الثورات امريكية لقلب انظمة الحكم القومية العسكرية المناوئة لإسرائيل و الغير خاضعة تماما لأمريكا و الغرب .

عندما أقول امريكا و الغرب فأنا اعني اسرائيل ، فهي الأداة الأمريكية الموكل لها السيطرة على المنطقة ، بالتالي كانت النتيجة ان كل الدول التي غزاها الربيع العربي ارتمت في احضان تركيا ، و اسرائيل التي تتبع ضمنيا امريكا .

كان هناك اهداف اخرى لثورة الربيع العربي ، اسقاط الدولة القومية ، وتدمير الجيوش ، وتحويل الدول القومية الى دول فاشلة ، و ادخالها في فوضى وعدم الأمن ، ولكن تلك هي البيئة المناسبة لتبعية امريكا و اسرائيل بواجهة تركية !

اصطفت روسيا و ايران مع محور الممانعة او المقاومة خلال 13 عاما مضت ، و شكلت الثورات المضادة لثورات الربيع العربي، و دارت حرب اشبه  بالبارده في المنطقة بين كل من امريكا وتركيا و اسرائيل من جهة ، وروسيا و ايران من جهة اخرى ، كانت جغرافيتها دول الربيع العربي ليبيا وسوريا و مصر .

كانت النتيجة ان سوريا سقطت و طرد محور الممانعة من سوريا ، و هزم في لبنان ، و دمر في غزة .

اما ليبيا فقد وضعت روسيا بذرة للدولة القومية الأمنية في الشرق الليبي بقيادة حفتر ، ووضعت امريكا و تركيا بذرة للدولة الإسلامية المليشياوية في الغرب ، ولازالت كلا القوتين في تنامي و بينهم اشبه بالحرب الباردة المنعكسة من حرب امريكا وروسيا ، ولم يصدما عسكريا و لم يحسم اي منهم الصراع بعد !

مصر لازالت تقاوم في اجواء عاصفة ، دون ان تميل كل الميل لهذا الطرف او ذاك من القوى العظمى ، ولكنها حسمت امرها بطرد الاخوان المسلمون ذراع تركيا في المنطقة وهذا شكل عليها اكبر ضغط دولي غير مسبوق .

البعض تفاجئ من سقوط سوريا بهذه السهولة ، وتوافق الأجندة التركية مع الاسرائيلية ، واتفاق اردوغان مع ناتنياهو ، أما انا فلم اتفاجئ لسبب !

الربيع العربي 2011 كان بقيادة تركيا اكبر مساهم في حلف الناتو الغربي ، التي بدورها تتبع امريكا ، بالتالي مصالح اسرائيل كانت تتحقق في الكواليس .

اما اليوم و مع سقوط نظام بشار الاسد فلم تعد هناك مواربة بالنسبة لتوافق مصالح اسرائيل وتركيا لأن ربيبتهم واحدة و هي امريكا ، فعملت كلا الدولتين على الساحة السورية في تناغم تام و رضوخ و انصياع تام للقوى الاسلامية المتطرفة التي سيطرت على الحكم في سوريا .

ما يجري باختصار هو احكام امريكا السيطرة على المنطقة ، و انتصارها على روسيا و محورها في حرب باردة بدأت في المنطقة منذ العام 2011 و حتى اليوم ، ولازالت لم تكتمل ! فهي مستمرة و موجودة في كل من ليبيا و مصر وان سقطت و حسمت سوريا .

معاذ خلف

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى