ايران و البرنامج السياسي و العسكري في ظل وضع اقليمي مضطرب .
ايران و البرنامج السياسي و العسكري في ظل وضع اقليمي مضطرب .
منذ الثورة الإسلامية في العام 1978 على الملك محمد رضا بهلوي بقيادة آية الله الخميني و إيران تأخذ وضع أقسى اليسار في السياسة الدولية ، فقد ناصبت أمريكا و الغرب العداء ، لمجرد انهم كانوا يدعمون و يتبنون الملك محمد رضا بهلوي ، ليس هذا فقط ، بل أنها عملت على تصدير ثورتها مرارا في المنطقة العربية ، تارة بإستخدام القوة المسلحة ، و تارة سياسيا باستخدام تنظيمات تم غزوها ثقافيا و استمالتها لإيران تحت مظلة التشيع لعلي بن ابي طالب و الحسين رضي الله عنهما ، و لعل في أول تجربة لتصدير الثورة كانت مع العراق ، و قد نشبت حرب استمرت ثمان سنوات مع نظام صدام حسين و راح ضحيتها اكثر من مليون شخص ، و حينها اخبر صدام حسين قادة الخليج ان العراق يدافع عن أمنكم و سيادتكم جميعا ، لأن حلم طهران بالخليج الفارسي لا يختلف عن حلم اسرائيل بإسرائيل الكبرى ، و لكن قادة دول الخليج خذلوه انذاك .
بعد انتهاء الحرب العراقية الايرانية بدأت ايران تعمل بذكاء ، حيث بدأت تعمل على بناء تنظيمات تجمعها معها ذات العقيدة في الدول التي تخدم اجندتها ، فكان الحوثيون في اليمن ، و حزب الله في لبنان ، و معظم العراق بعد سقوط صدام ، و الجهاد الاسلامي في غزة ، و استمالة حماس بعد دعمها بالمال و السلاح .
و لعل تطويق الخليج العربي او ما يعرف بالهلال الشيعي ، هي خطوة استراتيجية مدروسة من قبل ايران قد تخدمها في اي حرب كبرى قادمة على المنطقة .
عملت ايران على مواجهة النفوذ الإسرائيلي الامريكي في المنطقة كأجندة مضادة ، الى ان وصلنا الى حرب السابع من اكتوبر التي غيرت وجه المنطقة و انتماءاتها في ظل تعاظم الحلم الإيران بإمتلاك ايران سلاح نووي .
بعد ان قام الرئيس رئيسي بالرد الأول على اسرائيل ، سرعان ما ارتمت طهران في حضن روسيا كحامي دولي واقليمي لها في وجه امريكا ، و حتى بعد تولي بريزشكان الرئاسة أعلن بوتين ان العلاقة بين طهران و روسيا هي استراتيجية و متبادلة !
التقارب الروسي الايراني جعل طهران تنتقل تدريجيا من اقصى اليسار الى الاعتدال نحو القبول في المجتمع الدولي و القبول ببرنامجها النووي ، فبعد ان كان الموت لأمريكا أصبحت أمريكا دولة صديقة ، و بعد ان كان زوال اسرائيل امر حتمي ، اصبح ان هناك امكانية ان يتعايش الشعبان في دولة واحدة ، تنازلات عدة قدمتها طهران من أجل برنامجها النووي اولا و من اجل قبولها كدولة معتدلة في المجتمع الدولي ، وليس دولة مارقة حسب الوصف الأمريكي !
اسرائيل وجهت لإيران ضربات مؤلمة عدة باغتيال قادة حزب الله ، و قادة حماس ، و شبهات اغتيال رئيسي ، وايران كان ردها سياسيا بذكاء اكبر و غير صدامي ، و تقدم تدريجي في العلاقة مع أمريكا .
بغض النظر عن من ينتظرون الرد الإسرائيلي على الضربة الايرانية الثانية على اسرائيل الا انني قرأت خبر بالأمس ان روسيا قد ارسلت سرب اسلحة دفاعية و هجومية الى طهران ، و هذا سيجبر اسرائيل على رد محدود و يمنع نشوب حرب اقليمية ، و ان نشأت حرب واسعة ستكون عالمية نظرا لتدخل كل من امريكا و روسيا !
في رأيي ان طهران تقترب من المجتمع الدولي كدولة معتدلة اكثر من كونها يسارية متطرفة صدامية مع الغرب ، في رأيي انها بعد السابع من اكتوبر و بتر اجنحة اذرعها في المنطقة بدأت تتخلى عن رفع شعار المقاومة و العداء لكل ما هو مسلم سني خليجي او امريكي او اسرائيلي في المنطقة .
اذا ايران قبل السابع من اكتوبر كان بشكل و بعد السابع من اكتوبر اصبحت ايران اخرى تماما و اعتقد ان السبب الرئيسي في ذلك هو تقارب روسيا منها و احتواءها لها و توجيهاتها ، كما اعتقد انه سيسمح لها بإمتلاك السلاح النووي ان كان الضامن روسيا احد اقطاب المجتمع الدولي .