
رادار 360 – معاذ خلف
في بداية حرب غزة اخبرتكم من خلال مقال سابق أن اسرائيل بقيادة ناتنياهو و حكومته اليمينية المتطرفة قد أعلنوا الحرب على أذرع ايران بالمنطقة ، و التي تشكل تهديد وجودي لدولة اسرائيل ، حدث الصدام مع حماس اولا ، و اسرائيل لم تقاتل حماس كفصيل فلسطيني بل كذراع من اذرع ايران ، لذلك كانت الحرب لا هوادة فيها ، حدث ذلك بعد ان اصطدمت ايران و اسرائيل بشكل مباشر اثر نية ايران امتلاك سلاح نووي ، و هنا شعر الطرفان انهم وصلا الى مرحلة كسر العظم ، فبادرت اسرائيل بقصقصة اجنحة ايران بالمنطقة وهو ما تصورته سابقا تماما .
ايران في معركتها مع اسرائيل تتبنى مفهوم الحرب و العداء الظاهر لا المؤثر ، بمعنى انها في العلن عدو اسرائيل الاول ، ولكن بالفعل كلاهما يريد الأخر ويحسب له الف حساب ، ولكن من البيادق لكلا الطرفين في هذه اللعبة او وقود الحرب الظاهرة بين كلا الطرفين ؟ للأسف هم الحركات و التنظيمات العربية ! كلاهما يحاربنا بعضهما البعض بالدماء العربية .
ايران عندما شعرت ان الخطر بدأ يتهددها بدأت في مسلسل التضحية بالقيادات ، فكان اولهم قاسم سليماني العقل المدبر لكل عمليات و تنظيمات ايران بالمنطقة ، ثم اغتيال رئيسي بعد ان هاجم اسرائيل مباشرة في العلن ، ثم هنية ، و اخيرا نصر الله الذي أكدت صحيفة ان من وشى به هو جاسوس ايراني !
مسلسل استثمار الحرب والقاء البيادق امام اسرائيل لتقتلهم هو تصرف ليس جزافي من قبل طهران لا سيما في ظل تراجع موقفها الرسمي ، بل تقدم تنازلات من اجل هدف اكبر و اسمى ، ربما عدم غزوها مباشرة من قبل اسرائيل و الناتو ، وربما من اجل اعماء العيون عن برنامجها النووي حتى يكتمل !
امين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله كان ورقة مهمة في مسلسل حصار اسرائيل من قبل الفرس ، بل كان العدو الاول لإسرائيل و ما ان اشتعلت مواجهة مفتوحة بين كل من الحزب و اسرائيل حتى اعلنت ايران و اسرائيل بانتهاء دوره بعد اتفاق الطرفين على التخلص منه ، تماما كما حدث مع هنية !
سنشهد أفول نجم المقاومة في لبنان في الفترة القادمة ، و اسرائيل ستستمر في حربها على لبنان حتى تصل الى صفقة سلام مرضية تضمن امنها شمالا ، و تضمن فصل ساحة لبنان عن ساحة غزة تماما ، و غالبا ما ستقوم بعملية برية محدودة في جنوب لبنان حتى تنشئ منطقة عازلة تحميها من هجمات حزب الله .
حزب الله كتنظيم يعتبر منتهي بسبب الإختراق الأمني لكل مفاصلة ، فقد تم اغتيال جميع قادته تقريبا بوشاية من جواسيس ، بما فيهم الامين العام نصر الله ، بالتالي اعتقد انه سيهدئ من وتيرة المواجهة مع اسرائيل ربما لسنوات عدة ، الى حين تطهير صفوفة و تنظيمها و بناء قيادة جديدة قادرة على المواجهة ، كما ان دوره في لبنان سيتراجع ، و ستحل محله القوى المعتدلة التي غالبا ما يمثلها في الخارطة السياسية اللبنانية سعد الحريري او من هم مع نفس توجهه .
اما اسرائيل فكما قال ناتنياهو عازمة على تغيير خارطة الشرق الاوسط ، وتوقعاتي انها لن تتوقف و لن تنسحب من غزة ، بل اتوقع خلال السنوات القادمة صداما مباشرا مع مصر و الأردن ، اي ستبقى المنطقة ملتهبة لسنوات الا في حالة ان حدث تغيير جذري في السياسة الاسرائيلية و انتقلت من اليمين المتطرف الى اليسار او الوسط .