رادار 360 _ معاذ خلف
ليس سهلا ولا أمرا هينا ، ان تنطلق من عمق الفوضى لتخلق نقطة نظام ، لتكبر و تصبح خلايا نظامية ، ثم جيش ثم مجتمع و اخيرا أسلوب حياة .
انطلق خليفة حفتر بعد الثورة المزعومة و معه نفرا قليل يكادوا يعدوا على الأصابع ، ليبدأ عمله في تكوين جيش نظامي في بلاد قد سقطت مؤسستها العسكرية و دمرها الناتو ، و لكن واقع بنغازي شرق ليبيا لم يكن يختلف كثيرا عن غرب ليبيا ، فقد كانت تسيطر عليه مليشيات مؤدلجة متطرفة ، لا تعرف للنظام طريق ولا لبناء الدولة سبيل ، قامت تلك الميليشيات بعمل سلسلة اغتيالات لقادة الجيش الذي كان في طور التشكيل ، لقتل فكرة تكوين جيش نظامي في شرق ليبيا ، غير أن حفتر لم يستسلم و تعاون مع عدة دول ، في سبيل القضاء على تلك الجماعات ، و قاتل هو و من معه قتالا شرسا الى ان حقق نصرا لا لبس فيه على تلك الجماعات و اطلق على هذا النصر “ثورة الكرامة”.
بعد ذلك بدأت المرحلة الثانية ، مرحلة البناء ، بناء الجيش و بناء المدن التي دمرت وبناء نظام يدور في فلكه كل من يقطنون شرق ليبيا ليطوي صفحة الميليشيات للأبد ، و قد استطاع بعد مرور قرابة عقد من الزمان بناء جيش يتكون من عشرات الالاف من المقاتلين المدججين بكافة أنواع الأسلحة و المستعدين لأي خطر حقيقي قادر على أن يهدد ليبيا او استتباب الأمن في الشرق الليبي .
لنكن منصفين ، ما فعله حفتر ليس شيئا عاديا ولا بسيطا ولا سهلا ، على العكس كانت مهمة محفوفة بالمخاطر ، حياة أو موت ، نجاح او فشل ، و قد حقق حفتر بنجاحه نصف المهمة الكبرى المطلوبة منه ، و التي و ان لم تكتمل ستكون تكرس الفشل و تقسم ليبيا شرقا و غربا ، و لكن هذه المرة من يقف امام اكمال المهمة الكبيرة هي مجتمع دولي و دول اقليمية قد يكون من مصلحتهم استمرار الفوضى ، او حتى تقسيم ليبيا ، و هنا يعتبر الحل العسكري في حكم الميت ، اولا لأنه سيتماهى مع نوع من أنواع الحروب الأهلية ، ثانيا ان الدول الإقليمية داعمي حكومة الغرب الليبي قد لا يسمحوا ببتر الميليشيات الموجودة غربا .
غير انه لا حل يلوح في الأفق لقطع دابر المليشيات الا القوة العسكرية التي ستسيطر على العاصمة من أولها لأخرها .
المخرج الثاني المقترح هو الإنتخابات ، و من وجهة نظري أكثر اثنين مرشحين للفوز ان حدثت انتخابات هو حفتر و سيف الاسلام ، و الحقيقة انه لا تعارض اطلاقا بين مهمة الشخصين ، فالاثنان يرمون لاستقرار ليبيا ، و بناء جيش قوي ، و انهاء المليشيات ، و المضي قدما في التنمية ، غير ان حفتر لم تنتهي مهمته ان لم يكن محظوظا في في الانتخابات ، فمهمة بناء الجيش الليبي حاكم السيطرة من الشرق الى الغرب لازالت تقع على عاتقه ، و حتى ان كان هناك رئيس أخر فلن يجد سبيل الا التفاوض مع حفتر من أجل وزارة الدفاع ، و بناء و توحيد الجيش .
اذا الدفع بالانتخابات هو السبيل الأسلم من أجل حفظ اراقة الدماء الليبية ، والوصول للإستقرار ، و على الليبيين التغلب على أي عقبات دولية او محلية تقف في طريقهم .
و ايا يكون الرئيس الليبي ، لن تكون هناك خسارة مطلقة لأي من المترشحين ، لأنه على الأقل سينتظم العمل و الحياة السياسية داخل الدولة ، مما سيجعل ابداء القرارات و وتطبيقها ممكن ان يتم في أطر ديمقراطية رسمية .
“ليس مهما أن تحصل على كل شيء لا طالما أنك قمت بعمل عظيم سيخلد ذكراك ابد الدهر ، فإن كنت الرئيس القادم فهو تكليف من الله و الشعب لا تشريف ، و ان لم تكن فدورك لم ينتهي و صفحتك لم تطوى . “