الأخبار

ماكرون في ألمانيا.. زيارة دولة نادرة يؤرقها اليمين المتطرف

ماكرون في ألمانيا.. زيارة دولة نادرة يؤرقها اليمين المتطرف

تكتسب الزيارة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى ألمانيا اليوم الأحد أهمية مضاعفة بالنظر إلى أنها أول زيارة دولة منذ عام 2000، فضلا عن مخاطر اليمين المتطرف التي تتصاعد في خلفية المشهد.

ومنذ فعلها جاك شيراك عام 2000، لم يقم رئيس فرنسي بزيارة دولة للجارة الكبيرة، علما بأن هذه الزيارة التي تبدأ اليوم وتستمر 3 أيام كانت مقررة أصلا في يوليو/تموز الماضي لكنها تأجلت بسبب أعمال الشغب التي شهدتها فرنسا آنذاك.

ولا يخفي الجانبان أهمية الزيارة حيث بدت حفاوتهما بها واضحة، وحرصت دوائر ألمانية على الحديث عما حققه البلدان سويا منذ 1963، بينما يقول قصر الإليزيه إنه “يمكننا التحدّث كثيرا عن تقلّبات الثنائي الفرنسي الألماني، لكنّ ثمّة أيضا ديمومةً وعمقا في العلاقات بين الشعبين وهذا ما تُظهره زيارة الدولة هذه”.

أهمية العلاقة

من بين 27 دولة يضمها الاتحاد الأوروبي، فإن ألمانيا وفرنسا هما القوتان الكبريان، لكن الدولتين يجمع بينهما تاريخ مشترك ومتقلب، حيث حملتا على أكتافهما مسيرة الوحدة الأوروبية ابتداء التي بدأت على الصعيد الاقتصادي عام 1957 بعد 12عاما فقط من انتهاء الحرب العالمية الثانية التي كانت فيها الدولتان على طرفي نقيض.

وحسب دراسة نشرها المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، فإنه يمكن اعتبار العلاقات الفرنسية الألمانية استثنائية داخل التكتل الأوروبي، وهناك رهان مشترك على بناء علاقات قوية من أجل إصلاح الاتحاد الأوروبي.

ووفق الدراسة نفسها فإن المصالح الألمانية الفرنسية ترتبط ارتباطا وثيقا، منذ وقع الجانبان “معاهدة الإليزيه” بداية عام 1963، ثم سطع نجم المحور الألماني الفرنسي على الساحة بالتزامن مع إجراءات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2017.

في يوليو/تموز الماضي وقبل أن يؤجل ماكرون زيارته لألمانيا، قالت صحيفة لوموند (Le Monde) الفرنسية إن فرنسا وألمانيا اللتين ظلتا تمثلان العمود الفقري للاتحاد الأوروبي منذ إنشائه، يجب عليهما التفكير الآن في مستقبل مكانتهما في أوروبا الموسعة التي لن يكون دورهما المهيمن واضحا فيها بعد الآن، بعد أن اهتزت العلاقات بينهما بشدة بسبب الموجات الصدامية للحرب الروسية في أوكرانيا.

كان هذا قبيل الزيارة التي لم تتم، أما الآن فإن الهاجس الأكبر لدى الدولتين هو اليمين المتطرف الذي تصاعدت حدته واتسع نفوذه كثيرا في السنوات الماضية، حيث حقق مكاسب محلية في العديد من الدول ويتطلع إلى المزيد في الانتخابات الأوروبية التي تحل بعد 10 أيام فقط.

أوروبا

قبل شهر من الآن، كان الرئيس الفرنسي ماكرون يتحدث في جامعة السوربون عن “أوروبا قوية.. مزدهرة وإنسانية”، لكنه أشار أيضا على بعض هموم الاتحاد الأوروبي مشيرا إلى أن الدول لم تعد تجرؤ على القول إنها ستغادر الاتحاد لكنها أيضا لم تعد ترغب في اتباع “قواعد ملكية مشتركة” أو في “دفع الإيجار”، على حد قوله.

وفي اليوم الثالث الأخير من زيارته هذه، سيوجه ماكرون كلمة إلى الشباب الأوروبي من داخل كنيسة السيدة العذراء في دريسدن التي دمرتها الحرب بشكل تام في 1945 ثم أعيد بناؤها بعد سقوط جدار برلين، ساعيا إلى تحذيرهم من مخاطر التطرف اليميني.

وقبل أيام من انتخابات ستجري بين السادس والتاسع من يونيو/حزيران المقبل، لاختيار 720 عضوا في البرلمان الأوروبي، تتزايد المخاوف من تصاعد نفوذ اليمين الشعبوي المتطرف، حيث تحدثت استطلاعات سابقة عن احتمال فوزه بربع المقاعد، بينما تحدثت أخرى عن ترجيح حصوله على ما يكفي من المقاعد التي تسمح بعرقلة المقترحات التشريعية داخل الاتحاد.

وحسب تقرير سابق لموقع “فرانس 24” فإذا نجح اليمين المتطرف في تحقيق مكاسب جديدة، فإن هذا سيعني تشددا كبيرا في سياسات الهجرة، كما سيكون من الصعب على البرلمان الأوروبي ضم دول جديدة أو فرض عقوبات على الدول الأعضاء التي لا تحترم حقوق الإنسان أو الحريات العامة.

تحديات

أما وكالة الصحافة الفرنسية، فقد اعتبرت أن التحدّي الذي يمثّله اليمين المتطرّف بالنسبة لماكرون أكبر ممّا هو بالنسبة للمستشار أولاف شولتس في ألمانيا، حيث يعاني “حزب البديل من أجل ألمانيا” من تراجع شعبيته خصوصاً في ظل الفضائح الكثيرة التي طالته.

ورغم أن ماكرون وعد عقب انتخابه رئيسا لفرنسا عام 2017 بهزيمة اليمين المتطرف فإنه لم ينح في ذلك، بل إن استطلاعات الرأي تشير إلى تقدّم حزب “التجمع الوطني” الذي كانت ترأسه مارين لوبان وبات يرأسه جوردان بارديلا، وحصوله على أكثر من 30% من نوايا التصويت بالانتخابات الأوربية، متقدما بفارق كبير على المعسكر الرئاسي الفرنسي (15-17%).

في المقابل، وعلى الضفة الأخرى لنهر الراين، لم يحصل “حزب البديل من أجل ألمانيا” سوى على 15 إلى 17% من نوايا التصويت للانتخابات الأوروبية، وهو ما يقل عن 23% التي كانت متوقعة في نهاية العام 2023، حتى لو بقي متقدّما بشكل جيد مقارنة بانتخابات العام 2019.

لكن الوكالة تلفت إلى أن الحزب اليميني ما زال يحظى بشعبية مهمة في الشرق حيث ما كان يعرف بجمهورية ألمانيا الديمقراطية أو ألمانيا الشرقية، حيث يعد ملجأً بالنسبة لأولئك الذين يشعرون بأنّهم منسيون في تقاسم ثمار النمو الاقتصادي.

المصدر :  وكالات

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى