مقالات

معاذ خلف : ليبيا من الفوضى المزمنة الى حالة اليأس !

رادار 360 – معاذ خلف

ليس هناك اسوأ من النوايا الطيبة التي تضمر بين طياتها شر مطلق ، ان يتم خداع شعب بأوهام و شعارات زائفة حتى تتمكن من الوصول ثرواته و مقدراته ، حتى تتحول الدولة من لاعب اقليمي الى بيدق على رقعة الشطرنج .

مرت 13 عاما على انتفاضة ذوي النوايا البيضاء ، التي استغلها الناتو أبشع استغلال ، و في كل عام تتكشف الحقائق أكثر و أكثر أمام شعب أصبح مغلوب على أمره ، بين مطرقة المليشيات وسندان التدخل الخارجي ، شرقا و غربا و جنوبا الناس هائمون في أزمات متلاحقة حتى انهم لا يجدون الوقت للتفكير في الشأن العام ، الساسة في صراع مستمر مع جدلية “كيف تسرق المال العام ” ، و المليشيات آخذه على عاتقها مهمة استمرار الفوضى و ديمومتها .

بعد حروب عدة واقتتال داخلي على مدار عقد و ثلاثة سنوات وصل الليبيون اخيرا ال نتيجة مفادها ان الانتخابات هي الحل ، والحسم السياسي بين الخصوم أفضل و اقل ضرارا وتكلفة من وطئة الحسم العسكري ، غير ان هناك مفارقة عجيبة ، منذ 2011  لم تحدث انتخابات سوى مرة واحدة  فقط و هي انتخابات برلمانية في  العام 2012 ، و منذ ذلك التاريخ توقف تداول السلطة ديمقراطيا داخل البلاد ، و اصبحت حكومات متتالية تسلم بعضها بعضا مهمة استمرار الفوضى ، و السطو على المال العام ، و الصراع حول السلطة شرقا و غربا .

الغريب في الأمر ان الحكومات المتتالية و منذ 2012 كانت جميعها تشكل لمهمة واحدة فقط وهي الوصول للإنتخابات الرئاسية ، غير انها لم تصل ، وهذا نتيجة تمسك لوبي معين داخل المجتمع الليبي بالسلطة ، فهم طبقة مستفيدة من الوضع القائم ، و المليشيات المسلحة تدعمهم مقابل تبادل مصالح ، وهكذا تدوم سيرورة الفوضى داخل المجتمع .

هذا اللوبي شرقا و غربا لم يمنح او لم يترك فرصة او بابا للوصول الى الانتخابات الرئاسية الا واغلقها ، حتى و ان اختلفت سلطة الشرق العلمانية مع سلطة الغرب الإسلامية في امور شتى، الا انهم قد تلاقوا واجتمعت مصالحهم في منع الانتخابات ، لأسباب يدركونها جيدا ، وهي أن الشعب الليبي قد سئمهم ، و ان كلاهما لن يصل الى رئاسة البلاد .

هذا التعنت دفع الطرفان للإستقواء بالخارج للمحافظة على كراسيهم و مناصبهم ، ففي الغرب الليبي اكتف المسؤولون بتقديم الولاء و الطاعة للباب العالي في تركيا ، و في الشرق يحاول حكم ليبيا و السيطرة بتأييد و تزكية الدول العظمى امريكا و روسيا و الصين ظننا منه ان هذا سيغنيه عن الظهير الشعبي الذي لن يتحصل عليه في اي انتخابات قادمة .

12 عاما من المحاولة للوصول للانتخابات ، حكومات متعاقبة ، بعثات امم متحدة متجددة ، الى ان وصل الليبيون و العالم الى حالة من اليأس والإحباط ، ولأن الشعب الليبي لا يجد من يجمعه على كلمة سواء فتغيير الواقع بالنسبة له مستحيل ! و ان اي تحرك شعبي محدود يعني النهاية اسفل ازيز رصاص المليشيات المسلحة .

لست ممن يؤمنون باليأس ، فمادامت هناك حياة يوجد أمل ، ورحلة النضال تبدأ بخطوة ، الإنتخابات استحقاق شعبي ، واجب المسؤولون تجاه شعبهم ، و حتى ان خدرتم شعوبكم بالأزمات المتتالية ، فسيأتي وقت الاستفاقة حتما .

“ما يجب ان يدركه الليبيين ان كافة الدول الخارجية تتعامل معهم وفق مصالح و منافع ، حتى لو كانت تلك المصالح على حساب الشعب الليبي والفوضى ، وان همومكم لن يبكي عليها احد ، ان لم تأخذوا على عاتقكم التحدي والارادة للوصول الى الانتخابات و من ثم استقلال ليبيا و القرار الليبي و البناء والتنمية والتقدم ، سيتجاوزكم الزمن وستكتبون في التاريخ كأسوأ حقبة زمنية عاشها الليبيين في التاريخ الحديث . “

Show More

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button